العاصمة - The Capital

ـ ما هي عاصمة الكونغو الديمقراطية؟

ـ أنتويرب.

 

 

في هذه المدينةِ التي تتغذّى على الألماس.

تنمو الأسلاكُ الشائكةُ في قصائدِ الشعراء.

تموتُ المواعيدُ في الرزنامة.

تتوقّفُ يديْ عن لمسِ شفتَيكِ.

يتوقّفُ رجالُ الشرطةِ عن الضحكِ.

تتوقّفُ سيّارةُ التكسي التي قُتل سائِقُها برصاصةِ قنّاصٍ في دمشقَ أمامَ المحطّةِ المركزيةِ في أنتويرب.

يتوقّفُ الإرهابُ في البلاي ستيشن.

وأنا أتأبّطُ نفسي، وأتوقّفُ عن التوقّفِ.

أفكّرُ في المسافةِ بين شفتَيَّ وجلدكِ.

كأنَّني لم أُولَدْ في مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق عام ١٩٧٩.

كأنّكِ لم تُولدي في مجرّة دربِ التَّبَّانة.

 

 

 

في هذه المدينةِ التي يمسحونَ فيها الدَّمَ عن الألماسِ بنفسِ العنايةِ التي يَمسحُ بها الأطبّاءُ الدَّمَ عن جرحِ مُصابٍ، قاموا بإنقاذِ حياتِهِ.

أمرُّ خفيفًا، كما تَمُرُّ دبّابةٌ على الإسفلت.

حاملًا قصائدي مثلَ بائعٍ متجوّل.

كُلَمَا سِرْتُ في اتّجاهِ البحرِ أكلتْني الصحراءُ التي تَخرجُ من حقائبِ المهاجرين.

ومن جواز سفري الذي لم يعترفْ بهِ أحدٌ سواكِ.

أنا صاحبُ القصائدِ التي تتحدّثُ عن الموتِ، وكأنَّها تتحدّثُ عن الأمل.

وعن الحربِ، وكأنَّ الله موجود.

منذُ ماتَ أصدقائي أصبحتُ ذئبًا وحيدًا.

أحاصرُ الفرحَ في الزاوية، وأدوسهُ كحشرةٍ ضارة.

أصدقائي الذين قُتلوا تحتَ التعذيبِ يجلسونَ بجانبي بكامل أناقتهم، وكأنَّنا في حفلِ استقبال.

وأُمّي تتفقّدُني عبرَ الأسلاكِ.

لكي تتأكّدَ أنَّني لا أزال أبولُ على هذا الكوكبِ.

 

 

لقد نظَّفتُ غرفتي من أيِّ أثرٍ للموت.

كيلا تشعري حينَ أدعوكِ إلى كأسِ نبيذٍ.

أنَّنِي ورغم أنِّي في ستوكهولم.

لا أزالُ في دمشق.

 

 

في هذه المدينةِ التي تتغذّى على ألماسِ الدَّمِ.

أتذكّرُ عرسَ الدَّمِ.

أتذكّرُ النسيانَ.

أقفُ في منتصفِ صورةٍ جماعيةٍ بالأسودِ والأسودِ تجمعُ شعراءَ مرُّوا من هنا.

تُحيلني الهوامشُ التي تركتِها بجانبِ قصائدي إلى الحزنِ.

يتحوّلُ قلبي إلى فزَّاعةٍ خشبيةٍ لطردِ طيورِ هيتشكوك.

قلبي البريءُ الذي لا يحتمل.

يصبحُ قاسيًا كالكلماتِ الصريحةِ.

ويتحوّلُ الشارعُ إلى دفترٍ.

أنتِ الوحيدةُ التي باستطاعتها تحويلَ الشارعِ إلى دفترٍ.

تُمسكينَ ببراءةٍ يَدِيْ، لكي نقطعَ رأسَ السنةِ.

فينهارُ البنكُ الدوليّ.

وتقفُ الطبقةُ الوسطى ضدَّ المُهاجرين.

يقفُ رجلُ الأمنِ مُسلّحًا بالتاريخِ، ليرسمَ سدَّا بين الضواحي والفرح.

يقفُ لونُ البشرةِ مثلَ حاجزِ تفتيشٍ بيننا.

بين الميناء الذي يستوردُ الحُرّيّة

والشارعِ الممتدِّ من المقبرةِ إلى غرفةِ النومِ.

لمْ تُتعبْني الحربُ.

بل القصائدُ التي تتحدّثُ عن الحربِ.

لم تُتعبْني المُدُنُ الباردة.

لكنَّها أكلتْ أصابعي تلكَ القصائدُ التي تتحدّثُ عن المُدُنِ الباردة.

وأنا لا أستطيعُ الرقصَ دونَ أصابعي.

لا أستطيعُ أنْ أُشيرَ إلى الشرقِ دونها.

سكتةٌ قلبية تقتلُ ساعةَ الحائطِ.

وأصدقائي يشهدونَ زورًا بأنَّ الحياة رائعة.

هذه المدينةُ تنهارُ إلى الداخلِ، كأنَّها ثُقبٌ أسود.

أقصدُ ثقبًا أخضرَ.

والشارعُ يركضُ خائفًا.

إنَّها المرّةُ الأولى التي أَرى فيها شارعًا يركضُ في الشارع.

إنَّها المرّةُ الأخيرةُ التي أرى فيها بيتًا يتّكئُ على ضحكةِ المرأةِ الحزينةِ التي نسيتها في المطبخ، ليظلَّ واقفًا.

وعلى رائحةِ التوابلِ التي بعثرتْها القذيفةُ، ليظلَّ حيَّا.

الجيرانُ هربوا دونَ أنْ يُغلقوا النوافذَ المفتوحةَ على المجزرة.

دونَ أنْ يُغلقوا كتابَ فنِّ الطبخِ المفتوح على الصفحةِ رَقْم ٧٣.

عصافيرُ الشجرةِ المجاورةِ انتقلتْ إلى البيتِ.

سكنتْ في خزانةِ المطبخِ نصفِ المفتوحةِ.

ستقتُلها قذيفةُ هاون من عيار ١٢٠ ملم صُنعتْ في الاتّحاد السوڤييتي عام ١٩٨٧ لمحاربة الإمبريالية.

الكنارُ ماتَ من الجوعِ في القفص.

إنّها الحرب.

تموتُ الكناراتُ من الجوعِ في أقفاصها حين يختفي سَجَّانُها.

سَجَّانُها الذي خرجَ من البيتِ، ولم يَعُدْ.

البيتُ الذي انهارَ على قصائدِ الشعراءِ الذين خانتْهُم بلادُهُم.

بلادُهُم التي كانوا يبكونَ منها، وأصبحوا يبكونَ عليها.

ها هم يقرؤونَ حُزنَهم أمامَ الغرباء.

بقصائدهم يكسرونَ الوقتَ.

بأيديهم يقرعونَ الأجراسَ.

لكنْ، لا أحد لديه الوقت، ليسمعَ الصدى إلا بعضُ القتلى.

والنادلةُ في البارِ تفتحُ معي نقاشًا حول أحقّيّةِ السوريين في الموتِ بطريقةٍ لائقةٍ، حيثُ يكونُ الجسدُ كاملًا.

قطعةً واحدةً.

وعن الوحدةِ.

عن أحقّيّةِ أنْ يجدَ المرءُ شخصًا ينامُ بجانبهِ في المساء.

وأنْ يتركَهُ نائمًا حين يذهبُ إلى عملهِ في الصباح.

دونَ أنْ يَطلبَ منهُ الرحيلَ.

حسنًا.

لِنُنْزِلْ عن ظهرنا هذا الكيسَ المليءَ بالحجارةِ.

ونصرخ بصوتٍ خافتٍ عن طريقِ الكيبورد.

نحنُ الموقّعونَ فوقَ الإسفلتِ.

نُعلنُ أنَّنَا تعبنا.

وأنَّنَا بِغَضِّ النظرِ عن خلفيّاتنا التي أتينا منها.

فإنَّنَا نُعاني من نفسِ الخراء.

أنا أيضًا مثلكِ، أسكنُ وحيدًا في شقّةٍ بثلاثِ نوافذ.

اثنتانِ تُطلانِ على أنتويرب.

أما الثالثة، فهي شاشةُ كومبيوتري التي تُطلُّ على دمشق.

ـ هل زرتِ دمشق؟

ـ لا.

ـ حسنًا، سوفَ أحاولُ أن أصِفها لكِ، درجةُ الحرارةِ في الصيفِ ٣٧ مئوية، إنَّها المدينةُ التي تتطابقُ فيها درجةُ الحرارةِ في الصيفِ مع درجةِ حرارةِ جسمِ الإنسان.

ـ هل زرتِ أنتويرب؟

ـ لا.

ـ حسنًا، سوفَ أحاولُ أن أصِفها لكِ، إنَّها ألماسةُ دَمٍ تتلألأُ خلفَ الواجهاتِ المضاءَةِ بالأبيض، بريقُهَا يعكسُ ظلالَ رجلٍ أسودَ، وجدَهَا في كينشاسا، ثمّ وُجِدَ مقتولًا برصاصةِ صديقِهِ، من أجلِ أنْ ترتدي امرأةٌ من مونتريال خاتمًا، فيه حجرُ ألماسٍ مصقولٌ في تلّ أبيب، أهداهُ لها زوجُهَا المولودُ في بيونيس أيريس حين كانا في رحلةٍ إلى صحراءِ أريزونا، لكي تسامِحَهُ على خيانتهِ لها مع صديقتها الجنوبِ أفريقية حين كان يغسلُ أموالهُ في دبي.

ـ هل تعلمينَ ما هو وجهُ الاختلافِ والتشابهِ بين الصحراءِ وغسيلِ الأموال؟

ـ لا.

ـ الاختلافُ أنَّ الصحراءَ تحتاجُ إلى ماءٍ، أمَّا غسيلُ الأموالِ، فلا.

ـ والتشابه؟

ـ التشابهُ هو أنَّ غسيلَ الأموالِ هو غسيلٌ جافٌّ، جافٌّ كالصحراءِ التي في أريزونا.

 

 

حسنًا، لا مجالَ للإنكارِ أنَّنِي أسبحُ فيكِ، كما تسبحُ فراشةٌ داخل الماغما.

وأطعمُكِ كلماتي، لكي تكبري ببطءٍ، كما تكبرُ رقعةُ الدمارِ التي أحدَثَهَا ارتطامُ حزنكِ بأيَّامي.

لقد كانَ لوجودكِ في حياتي أثرٌ سلبيٌّ على شِعْرِ ما بعد الحداثةِ في النصفِ الشمالي من الكرةِ الأرضية.

ويجبُ أنْ أعترفَ لكِ أنَّ الكثيرَ من قصائدي قد انتهتْ مدّةُ صلاحيّتها، بسببِ الظهور المفاجئ لمجازاتكِ فيها.

وأنكِ ساهمتِ من خلالِ حملاتكِ الممنهجةِ لإضافةِ الهوامشِ إلى نصوصي في إحداثِ ثقبٍ في الخزَّانِ الذي يحفظونَ به اللغةَ العربية.

وأنكِ قمتِ بإحيائي مع سبقِ الإصرارِ والترصُّدِ.

وهذه جريمةٌ يُعاقِبُ عليها دستورُ الشعراء.

وأنَّ تفاصيلكِ المبعثرة في أرجاءِ منزلي تثيرُ شهوتي، لكي أرمي التلفزيونَ من النافذة.

وأجلسَ، لكي أشاهدَكِ أنتِ حين تقومينَ بقَتْلِ الوقتِ.

أعترفُ أيضًا أنَّ هناكَ الكثيرَ من الأشياءِ المريبةِ التي بدأتْ بالحدوثِ منذُ شممتُ رائحةَ نهديكِ.

على سبيلِ المثالِ:

كسرتُ العديدَ من كؤوسِ النبيذِ خلالَ الفترةِ التي انتقلتِ بها إلى منزلي.

أغلبُهَا انتحرتْ بالقفزِ من يَدِي خلالَ محاولتي غَسْلَهَا من بقايا أحمرِ شفاهِكِ.

سرقتُ بعض الوقتِ، لكي أجعلَ يومي ٢٥ ساعة.

زَوَّرْتُ ملامحي، لكي أبدُوَ سعيدًا.

أحببتُكِ.

قُلتُ في حوارٍ صحفيٍّ بعدَ أنْ التقيتُكِ إنَّنِي لم أكذبْ في حياتي سوى مرَّتَين.

وكانتْ تلكَ كذبتي الثالثة.

ورغمَ كلِّ التراجيديا السعيدة التي تمرُّ بها حياتي.

رفضتِ أنْ تُطلقي رصاصةَ الرحمةِ على رأسي حين رجوتُكِ أنْ تفعلي.

ومَنَحْتِنِي حياة جديدة.

 

 

تتّهمينَنِي بعدمِ الموضوعيةِ في قصائدي، حسنًا، لم أكنْ موضوعيًا طوالَ حياتي، لقد كنتُ دائمًا منحازًا، وأكيلُ بمكيالَين، كنتُ منحازًا للسودِ أمام العنصرية، للمقاومةِ أمام المحتلّين، للميليشياتِ أمام الجيوش، كنتُ منحازًا للهنودِ الحُمرِ أمام الرجالِ البيض، لليهودِ أمام النازيّين، للفلسطينيّين أمام الإسرائيليّين، للمهاجرين أمام النازيّين الجُدُد، للغجرِ أمام الحدود، للسّكّانِ الأصليّين أمام المستعمرين، للعِلْمِ أمام الدين، للحاضرِ أمام الماضي، للنسويةِ أمام البطريركية، للنساءِ أمام الرجال، لكِ أمَامَ النساء، لكافكا أمام الروتين، للشعرِ أمامَ الفيزياء...

...

...

...

 

 

الفيزياء.

لعنةُ اللهِ على الفيزياء.

لماذا يغرقُ المهاجرونَ، وبعدَ أنْ يلفظوا أنفاسَهُم الأخيرة يطفونَ فوقَ وجهِ الماءِ؟

لماذا لا يحدثُ العكسُ؟

لماذا لا يطفو الإنسانُ حين يكونُ حيَّا، ويغرقُ حين يموتُ؟

 

 

حسنًا.

فلنُسمِّ الأشياءَ بمسمّياتِها.

الكُتُبُ مقابرُ للقصائدِ.

البيوتُ خيامٌ إسمنتيةٌ.

الكلابُ ذئابٌ، ارتضتِ الذُّلَّ.

سجّادةُ الصلاةِ تذكّرُنِي ببساطِ الريح.

غرفتي وقعتْ بحبِّ حذائِكِ الأخضر.

أنا أغرقُ فيكِ، كما يغرقُ السوريّونَ في البحارِ.

يا إلهي.

انظري إلى أين أوصلتْنا الحرب.

حتّى في أسوأ كوابيسي، لم يخطر لي

أنَّنِي في يومٍ من الأيّامِ.

سأقولُ في قصيدةٍ:

أغرقُ فيكِ، كما يغرقُ السوريّونَ في البحار.

 

 

ــــ ــــ      ــــ

 

كلُّ قذيفةٍ تسقطُ على دمشقَ، إنَّمَا تُمَزِّق صفحةً من كتاب ديكارت.

 

 

حينَ وُلِدْنَا.

كانتِ الحياةُ ملوّنةً.

وكانتِ الصورُ بالأسودِ والأبيض.

اليوم أصبحتِ الصورُ ملوّنةً.

وأصبحتْ الحياةُ بالأسودِ والأبيض.

 

٢٠١٥




________________

كُتبتْ هذه القصيدة لصالح مشروع كتاب المدينة

"سيتي بوك" أنتويرب الذي يقام بالتعاون مع البيت
الفلامنكي الهولندي "ديبورين" الجيران. 

© Ghayath Almadhoun
citybooks,
Produção de áudio: citybooks / Vlaams-Nederlands Huis deBuren (Brussel)

La capitale

-Qual è la capitale della Repubblica Democratica del Congo?

-Antwerp

 

In questa città che si nutre di diamanti

Il filo spinato cresce nei versi dei poeti

Gli appuntamenti muoiono nel calendario

Le mie mani smettono di toccare le tue labbra

I poliziotti non ridono più

Un taxi il cui autista è stato ucciso dalla pallottola di un cecchino a Damasco

Si ferma davanti alla stazione centrale di Antwerp

Il terrore si ferma alla PlayStation

Così mi prendo sottobraccio e smetto di fermarmi

Penso alla distanza tra le mie labbra e la tua pelle

Come se non fossi nato nel 1979  a damasco, a Yarmouk , campo per rifugiati palestinesi

Come se tu non fossi nata nella Via Lattea

 

In questa città dove ripuliscono dal sangue i diamanti con la medesima cura

Dei dottori che lavano il sangue dalla ferita dell’ uomo che salvano

Passo con la leggerezza di un carrarmato sull’asfalto

Carico di versi come un ambulante

Ogni volta che m’avvio verso il mare mi mangia il deserto

che filtra dalle valige dei migranti

E dal mio passaporto che solo tu  riconosci e nessun altro

Sono lo scrittore di poesie che parlano di morte come parlassero di speranza

E di guerra come se esistesse Dio

Da quando sono morti i miei amici sono diventato un lupo solitario

Che stringe la gioia in un angolo e la calpesta come insetto nocivo

I miei amici torturati a morte mi siedono accanto nei loro abiti più eleganti

Come fossimo a un ricevimento

E mia madre mi cerca in fondo ai fili del telefono

Per accertarsi che ancora io pisci su questo pianeta

 

Ho ripulito dalla mia stanza qualsiasi traccia di morte

Così che quando ti invito per un bicchiere da me

Non percepisci che benché viva a Stoccolma

Sono ancora a Damasco

 

In questa città che si nutre di diamanti di sangue

Ricordo nozze di sangue

Ricordo l’oblio

Sono in piedi in una foto nera su sfondo nero di gruppo di poeti

Che non sono più qui

 

Gli appunti che hai lasciato a margine delle mie poesie mi rendono triste

il mio cuore diventa uno spaventapasseri di legno per mettere in fuga gli uccelli di Hitchcock

il mio cuore innocente che non può sopportarlo

diventa duro come parole oneste

e la strada diventa quaderno

tu sei l’unica che sa trasformare le strade in quaderno

con innocenza mi prendi le mani così possiamo tagliare la testa all’anno

poi collassa la banca mondiale

e la classe media si mette contro i migranti

 

una guardia armata di storia si piazza per disegnare una barriera tra i sobborghi e la felicità

il colore della pelle ci sbarra come un check point

tra il molo che importa libertà

e la strada che si stende tra il cimitero e la camera da letto

non mi ha stancato la guerra

bensì  le poesie che parlano di guerra

né mi hanno stancato le città fredde

ma queste poesie che parlano di città fredde mi hanno rosicchiato le dita

e senza dita non posso ballare

non mi posso orientare ad Oriente

un infarto uccide l’orologio appeso al muro

e i miei amici rendono falsa testimonianza dicendo che la vita è bella

 

questa città sta collassando come un buco nero

voglio dire un buco verde

la strada scappa spaventata

è la prima volta che vedo una strada correre per strada

l’ultima che vedo una casa appoggiata alla risata di una donna triste lasciata in cucina

per poter stare in piedi

e sull’odore di spezie sparse da una pallottola per poter restare viva

i vicini se ne sono scappati senza chiudere le finestre aperte sul massacro

senza chiudere il libro di ricette aperto a pagina 73

gli uccelli hanno traslocato dentro la casa dall’albero vicino

vivevano nei pensili semi aperti della cucina

una bomba da mortaio di 120 mm fabbricato nell’Unione Sovietica nell’anno 1987

per lottare contro l’imperialismo

li avrebbe uccisi

il canarino è morto di fame nella gabbia

questa è la guerra

i canarini muoiono di fame nelle loro gabbie quando svaniscono i loro secondini

i loro secondini che hanno lasciato la casa e non sono mai ritornati

la casa che è crollata sulle poesie di poeti traditi dal proprio paese

il loro paese li faceva piangere e ora piangono per il proprio paese

vedi come raccontano il loro dolore davanti agli estranei

con le loro poesie fanno passare il tempo

con le loro mani suonano le campane

ma nessuno ha il tempo per sentirne l’eco tranne quei pochi uccisi in guerra

e la barista avvia una discussione con me su come i siriani abbiano il diritto di morire idoneamente tutti interi

in un solo pezzo

parla della solitudine

di come la gente abbia il diritto di trovare qualcuno che gli dorma accanto la notte

e di lasciarli addormentati la mattina quando vanno a lavorare

senza chiedergli di andarsene

bene

togliamoci di dosso questo sacco di pietre

e gridiamo pacatamente tramite tastiera

noi sottoscritti sull’asfalto

annunciamo di essere stanchi

e che nonostante i nostri diversi retaggi

soffriamo la stessa merda

anch’io come te vivo da solo in un appartamento con tre finestre

due che danno su Antwerp

ma la terza è lo schermo del mio computer

che dà su Damasco

- Hai visitato Damasco?

- no

- va bene, te la descrivo: d’estate la temperatura è 37 gradi

è la città dove in estate la temperatura è uguale a quella corporea

-hai visitato Antwerp?

- no,

- va bene, te la descrivo: è il diamante di sangue che brilla nella luce bianca delle vetrine

la loro luce riflette un uomo nero che l’ha trovato a Kinshasa e che poi è stato trovato ucciso

dalla pallottola della pistola di un amico

perché una donna di Montreal potesse portare un anello con una pietra levigata a Tel Aviv

regalatole dal marito nato a Buenos Aires

durante un viaggio nel deserto dell’Arizona

in modo che lei lo potesse perdonare per averla tradita con la sua amica sudafricana quando lui stava a Dubai a riciclare soldi

- sai in che cosa sono uguali e in che differiscono il deserto e il riciclaggio del denaro?

- no

- la differenza è che il deserto ha bisogno dell’acqua e il riciclaggio del denaro non ne ha bisogno

- e in che sono uguali?

Sono uguali nel senso che il riciclaggio del denaro è arido, arido come il deserto dell’Arizona

Va bene, non si può certo negare che galleggio in te come una farfalla nel magma

E ti nutro delle mie parole così cresci piano come la zona di distruzione che si è formata

Quando il tuo dolore si è scontrato con la mia vita

La tua presenza nella mia vita ha avuto un effetto negativo sulla poesia postmoderna

nell’emisfero settentrionale del globo

 

e ti devo confessare che la emivita di molte delle mie poesie è scaduta con la improvvisa comparsa delle tue metafore al loro interno

e che hai avuto la tua parte nel bucare il serbatoio dove conservano la lingua araba

con la tua sistematica campagna per aggiungere note in margine ai miei testi

e che con premeditazione e attenta osservazione hai intrapreso il progetto di rimettermi in sesto

e questo è un reato punibile ai sensi della costituzione dei poeti

e che i tuoi dettagli sparsi per casa suscitano in me il desiderio di gettare la televisione dalla finestra

e di stare invece seduto a guardare te mentre fai passare il tempo

devo confessarti che ci sono molte cose di dubbia natura che prendono vita da quando ho iniziato a sentire il profumo dei tuoi seni

ad esempio:

ho rotto diversi calici da quando ti sei trasferita da me

molti hanno commesso suicidio saltandomi dalle mani mentre cercavo di risciacquare le tracce del tuo rossetto

ho rubato del tempo per far durare 25 ore la mia giornata

ho assunto false espressioni per farmi apparire felice

ti ho amata

in un’intervista alla stampa dopo averti conosciuta ho detto che avevo mentito solo due volte nella vita

e che quella era la terza

nonostante tutta quella allegra tragedia che è stata la mia vita

tu mi hai rifiutato il colpo di grazia quando ti ho scongiurato di spararmelo

e mi hai concesso nuova vita

mi accusi della mancanza di obiettività nelle mie poesie, e va bene, non sono mai stato obiettivo nella mia vita

sono sempre stato di parte e ho sempre usato due pesi e due misure

Ho parteggiato per i neri contro il razzismo, per la resistenza contro gli occupanti, per le milizie contro gli eserciti regolari. Ho parteggiato per gli uomini dalla pelle rossa contro i bianchi, per gli ebrei contro i Nazisti, per i palestinesi contro gli israeliani, per gli immigrati contro i naziskin, per gli zingari contro le frontiere, per le popolazione native contro i colonizzatori, per la scienza contro la religione, per il presente contro il passato, per il femminismo contro il patriarcato, per le donne contro gli uomini, parteggio per te contro le altre donne, parteggio per Kafka contro la routine, per la poesia contro la fisica

La fisica

Quella dannata fisica

Perché annegano i migranti e dopo aver esalato l’ultimo respiro galleggiano sulla superficie dell’acqua?

Perché non succede il contrario?

Perché la gente non galleggia mentre è viva e annega dopo essere morta?

 

Va bene

Chiamiamo le cose per il loro nome

I libri sono i cimiteri delle poesie

Le case sono tende di cemento

I cani sono lupi che hanno accettato l’umiliazione

I tappeti della preghiera mi ricordano i tappeti volanti

La mia stanza si è innamorata delle tue scarpe verdi

Mi annego in te come i siriani annegano nel mare

Oh Dio

Guarda dove ci ha portato la guerra

Neppure nei miei incubi più terribili avrei mai pensato

Che un giorno

Avrei scritto in una poesia

Che mi annego in te come i siriani annegano nel mare

 

Ogni bomba da mortaio che cade su Damasco strappa una pagina al libro di Cartesio

Quando siamo nati

La vita era colorata

E le foto erano in bianco e nero

Ora le foto sono colorate

E la vita è in bianco e nero

 

Tradotta in italiano da Pina Piccolo, dalla traduzione inglese di Catherine Cobham e rivista da Sana Darghmouni