Aref Hamza (عارف حمزة)
قصيدة مرسين
قصيدة مرسين
جاء الشتاء
وصار بإمكانِ أحدنا أنْ يقول
بأنّ الدموعَ التي ما زالتْ عالقة في بياضِ العين
هي قطرةُ مطرٍ ليسَ إلا.
2
الرملُ هنا نظيفٌ و بارد
لا حجارة. لا أصداف.
لا رسائلَ مدفونةٌ في قوارير.
لا يغنّي الصيّادونَ أغانيّ حبٍّ
وهم يسهرونَ في بطنِ البحر
وهم يُتلفونَ مجلات "البورنو" الضخمة.
لا أحد بكى هنا
كما فعلتْ قلوبٌ مُحطّمَة
على شواطئنا الوسخة.
3
لا أُطفئُ ضوءَ شرفتي المُطلّة على البحر المتوسّط
من أجل المهاجرين السورييّن
الذينَ
يَغرقونَ فيه
كلّ ليلةٍ.
4
لا نوارسَ على شاطئ بحر "مرسين".
لا وجودَ لأيّ طائرٍ مُصادفَة
كي أحقّقَ لطفليّ فكرتهم عن البحر.
اليومَ مرّتْ خمسةُ غربان
نعقوا ونعقوا قبل أن يذهبوا.
سننتظرُ. قلتُ لهما.
لا بدّ أنْ يُخطئَ نورسٌ واحدٌ على الأقل
مثلَ هذه الغربان.
الغربان
أعطتني
هذا الأمل!.
5
أزورُ الصيّادين كثيراً هنا في مرسين
أبحثُ
بينَ الأسماكِ التي اصطادوها
عن أقرباءَ لي
غرقوا في البحر.
6
مرسين مدينة كبيرة وجميلة ونظيفة
وأكثرُ شخصٍ مشهورٍ فيها صارَ صديقي
يُسمّونه الحرمان.
7
تضعُ حجارةً وعَلماً تحتَ وسادتي
تُزيّتُ حنجرتي بدموع الأمهات
كي أشاركَ بشكل جيّد
في المظاهرات التي صارتْ بعيدة عن مكان إقامتنا
بدلَ أن أنامَ خائباً
بلا عمل.
8
ولا قطرةُ ماءٍ واحدة
في بحر مرسين.
9
أطفالٌ سوريّون يلعبونَ على شاطئ هذا البحر
كلّهم
من مدنٍ
أطلّتْ فجأةً
على بحرٍ من الدماء
كانوا يُبللّون أرجلَهم ويعودون راكضينَ
مثل نساءٍ محجّبات
والبحرُ كانَ يلاحقهم
كي يتذوّقَ أصابعَ أرجلهم .
كانوا يضحكونَ و يضحكون
وكأنّهم
من بلدٍ سعيد.
10
البحرُ يصخبُ الآنَ
كخمسة رجالٍ تحتَ التعذيب
بينما أُنزّهُ طفليّ
كجدٍّ لهما.
11
جاءتْ النوارسُ أخيراً إلى ساحلِ هذه المدينة
وصارتْ الأسماكُ
تقفزُ إلى فمها
من شدّة الشوق.
--------
مرسين: مدينة ساحليّة في الجنوب الغربيّ من تركيا.