Raed Wahesh (رائد وحش)
غياب 3
غياب 3
أهله
كيف مات؟
هل ضربوه على رأسه
فهوى على البلاط بدون حياته؟
أم ظل يئن أسبوعاً
من النزف والجوع والهذيان؟
هل قصدوا قتله؟ أم أنه هو من قرّر أن يموت؟
هل دفنوه؟
أم تركوا جثته تتفسّخ
وتدفن أصحابَهُ رائحةُ الموت؟
الميّت
أنا من أنا الآن؟
نسيتُ من كنتُ
وكيف جئتُ!
ولماذا أنا هنا!
نسيت كل شيء تماماً
بل صرت محايداً
إلى درجة أنني أصبحُ خارج المشهد،
وهم يفتكون بي،
أراهم وأشفق على دأبهم العبثي
في الضرب والتكسير
وذلك الذي أظنه كان يسمّى جلداً ماتْ
بات كبلاط الغرف
أو جدرانها.
أنا من أنا الآن؟
أظنّني ولدتُ من أم، أظنني أخاً لإخوة كثيرين
أظنّني تزوجتُ
أو أنجبت،
أو ربما لا.. لستُ متأكداً
أظن فقط
أعيش في الظنون
وكلي أمل أن يقتلوها سريعاً.
أهله
حين كنتَ تموت
كنا نهاجر
بينما روحك تحشرج خارجةً منك كنا نخرج
عبر الجبال
إلى البحر..
تئنُ من امتزاج برودة غرفة التعذيب
بحرارة السّياط والعصي،
نحن كذلك
نمشي بردانينَ متعرقينَ
نرتجف من البرد
ونختنق من سخونة الخطوات..
حين ركبنا القارب
كنت كذبيحةٍ لا تجد أنينها،
وليس سوى قليل من الوقت
حتى كنا تحتَ الماء
غير قادرين على الصراخ
فالصوت يغرق أيضاً.
الميّت وأهله
التقينا
بعد النَّفَس الأخير مباشرةً،
في موتٍ عائلي حميم.
لا تهمنا الأسماء
لا نبالي إلا أننا معاً
أما ما بين الموت والحياة
فتلك فروق طفيفة.