Rasha Omran (رشا عمران)
كأنني مشعوذة العزلة 4
كأنني مشعوذة العزلة 4
. أنا هي التي كل صباح تطوي البيت الذي تسكنه كما تطوي المنشفة المنزوعة عن حبل الغسيل للتو، ثم تضعه في حقيبة متوسطة، وتجلس بانتظار من
يقرع بابها منذرا بالرحيل، ثم في الليل تفتح الحقيبة وتخرج البيت وتفرده لتنام بانتظار الصباح .
أنا هي التي كل يوم تخرج مفاتيح البيوت التي سكنتها وتفردها على الطاولة، وتشكل منها ملامح رجل بأكتاف
عريضة، ثم تلقي برأسها على كتفه
وتلسعها برودة المعدن.
أنا هي التي تبحث في أطراف أصابعها عن الخطوط العميقة لبصماتها قبل أن تتذكر أنها وزعتها على جدران بيوت كثيرة لا تخصها، ثم تتأمل كفيها
المصقولتين تماما كبلاط قديم يمسح كل يوم.
أنا هي التي كلما رحلت تعود لتجمع آثار خطواتها ثم تخبئها في منديل قديم تخرجه من ناحيتها اليسرى فتقتلتها برودة الفراغ ثم تعيده فتؤلمها ذراعها من الثقل.
أنا هي التي كلما وضعت بيتها في الحقيبة غلفته بجسدها بينما من طرف الحقيبة يتدلى رأسها كما لو كان الطرف الأعلى لعلاقة مفاتيح قديمة ثقيلة .