Iman Mersal (إيمان مرسال)
[Fragments]
[Fragments]
لماذا جاءت إلى البلاد الجديدة؟ هذه المومياء؛ موضوع الفُرجة
ترقد بزينتها في كتّانٍ رماديّ : حياةٌ متخيلةٌ في فترينة متحف.
أظن أن التحنيط مسألةٌ ضد الخلود
لأن الجسد لن يكون أبدأً جزءاً من وردة.
المومياء لم تختر هجرتها بينما هؤلاء الذين انتظروا طويلاً في طوابير السفا ا رت، وبنوا بيوتاً في بلادٍ أخرى،
يحلمون بالعودة عندما يصبحون جثث ا
يجب أن تحملونا إلى هناك
هكذا يتركون الوصايا في أعناق أولادهم
كأن الموت هويةٌ ناقصة لا تكتمل إلا في مقبرة الأُسرة.
**
هنا أيضاً أشجارٌ خض ا رء تقف تحت ضغط الثلج، وأنهارٌ لا يتعانق بجانبها عشاقٌ خلسة، بل يجري بموا ا زتها
رياضيون مع كلابهم في صباح الأحد، دون أن ينتبهوا للمياه التي تجمدت من الوحدة.
ومهاجرون لم يتدربوا على محبة الطبيعة ولكنّهم يصدّقون أن نسبةَ التلوث أقل، وأن بإمكانهم إطالة أعمارهم
بمضغ الأوكسجين قبل النوم عبر كبسولاتٍ هوائية.
**
لماذا لم ينسوا أنهم من هناك؟
الغرباءُ الفَشَلة يدرّبون عضلات أفواههم على التخلّص من اللكنة،
اللكنة هي المرض الو ا رثي الشفّاف الذي يفضحهم،
يقفز عندما يغضبون فينسون كيف يضعون أح ا زنهم في لغةٍ أجنبيةٍ
اللكنةُ لا تموت، ولكن الغرباءَ حفارو قبورٍ بجدارة
يعلّقون على باب الثلاجة أسماء من ماتوا من الأهل
حتى لا يخطئوا ويطلبوهم في التليفون.
ويدفعون رُبع أجورهم لشركات الاتصال
ليتأكدوا أنهم موجودون في مكانِ يمكن تحديده ببعده عن الطفولة
لماذا لم ينسوا؟
**
في ست خطواتٍ فقط، يكتب المغترب رسالة ناجحة إلى الأهلِ :
- يختار لحظة لا يفتقدهم فيها.
- يجلس وظهره للشارع لأن الحوائط أكثر حيادية.
- يو زّع السلامات بدقة.
- يستحضر المجا ا زت التي تر بى عليها، المجا ا زت التي ظن أنه
لن يلمسها يوماً مثل )أحبكم عدد نجوم السماء وعدد حبات
الرمال وأشتاق إليكم كما يشتاق العطشان إلى الماء والعليل
إلى الدواء والغريب إلى الوطن(.
- يتفادى ذكر تفاصيله اليومية لأنه لا يعرف كيف سي ؤ ولونها.
- يك رر"الحمد لله" كثي ا رً حتى يطمئنوا على إيمانه.
**
ما تع لّم تَه هنا لا يختلف عمّ ا تع لّم تَه هناك:
_ الق ا رء ةَ كتذكر ة مرورٍ إلى تغييبِ الواقع.
_ ت خ بِئة الخجلِ تحت ألفاظٍ بذيئةٍ .
_ إخفاءَ الضعفِ عبر إطالة الأظافر.
_ تسريبَ الأرق في التدخين دائماً وفي ترتيب الأد ا رج أحيان اً.
_ توفيرَ ثلاثة أنواع من قطرة العيون من أجل توضيح الرؤية ثم
الاستمتاع بالعمى. والأهم، تلك اللحظة ال ا رئعة من إغماض
الجفون على حريق.
هنا وهناك
تبدو الحياة وكأنها موجود ةٌ فقط لتُ ا ر قَب من بعيد.
**
في قار ة أخرى، تركتَ أعداءً مساكين،
يجب أن تخجل من نفسك عندما تتذكرهم
لا شيء يغضبك الآن،
من الصعب أن تقابل شيوعياً كلاسيكياً هنا، حتى إنهم يضعون
ساعة في المكاتب العمومية بدلاً من صورة الرئيس.
ربما يكون كابوس اً أن تقضي يوماً كهذا تحت تأثير المهدئات.
لا شيء جدير بأن تتمرد عليه.
أنت م رضيٌّ وميتٌ
والحيا ةُ من حولكَ تبدو مثل يدٍ رحيمةٍ
أضاءت الغرفة لعجوزٍ أعمى
ليتمكّ ن من ق ا رءة الماضي.