Galal Alahmadi (جلال الأحمدي)
البهلوانُ الأخيرُ
لم تكنْ مجرّد لعبة أن أُخرج كلّ هذه الحرائق من فمي
دفعةً واحدةً,
أو أن أستمرَّ بالقفز عبر حلقاتِ النّار
وكأنّ شيئاً ما مُخيفاً يركض خلفي,
أستغربُ لماذا حتّى الآن لم يصبح جلدي مخطّطاً بالأصفر والأسود!
صدقيني ليس أمراً جيداً أن أدسّ رأسي المليء بطنين الأفكار
بين فكّي حيوانٍ مفترسٍ
ثمّ لا أرغب باستعادتِهِ ثانيةً,
هذا الورد الذي بين يديك
خسرتُه من عمري ومن ضحكتي,
قد يكون الآن بلا رائحة
لكنّني أكيد أنّ شوكهُ ما زالَ جارحاً,
هذه الأغنية التي أردّدها وأنا أضحكُ
أفسدتْ رئتي.
لا تسأليني لماذا أبدو حزيناً
اسأليني لماذا لم تعد تصيحُ الدّيكة عندما ترى الشّمس؟
لماذا تديرُ القردةُ ظهورها لبعض دون شعورٍ بالخوفٍ؟
لماذا حينَ تشيخُ الخيولُ نرى أثر ذلك فوق وجوهنا بالمرآة؟
لماذا نُحاول تعليمَ كلّ شيءٍ نُصادِفُهُ أن يتكلّم وأن يسيرَ على قدمينِ؟؟؟
ولماذا نُغلق الأقفاص ونُطفئ الضوء ونُحكم الأبواب..
ثمّ لا ننام إلا وبنادقنا محشوّة بين أيدينا؟
أعتذرُ إن كنتُ قد خيّبتُ ظنّك
ولم أُشبهِ الفيلة التي تشاهدينها بالسّيرك,
لم أُشبهِ الدّببة التي سلختُها من الغابة وجعلتُها ترتدي المعاطفَ والقبّعاتِ,
لم أُشبهِ أُنثى الكنغر الجائعة
وهي تلاكم أخرى مثلها للحصولِ على قطعة بسكويت,
أعتذرُ إن كنتُ في بعض الأحيان أنبح كـ كلبٍ تائهٍ ,
أو أستلقي على ظهري وأنا أضحك مثل شيمبانزي,
وإن كنتُ قد أخطأتُ يوماً وجلبتُ لكِ علبَ السّردين بدلَ الحلوى,
أعتذرُ فأنا لم أُشبه حتّى نفسي
أنا أموتُ, كلّ يومٍ تقريباً
ولا أريد أن أصرخ
ليس من العدل أن أعيش كلّ هذا وحدي,
كم أبدو بائساً ومُثيراً للشّفقةِ لأقول لكِ كلاماً كهذا,
كم أتمنى لو كنتُ قطاراً
أو مقعداً خشبياً في حديقة,
لو كان أبي شجرةً
وأمي فأساً ,
أنا تعَبٌ ولا أستطيع أن أخرج الغابةَ من صدري,
ستعاقبني الجداول والأنهار
لأنّني كنتُ ابناً عاقاً
ولم أحمل في دمي غير التّماسيح,
سيعاقبني الجبلُ
ويجعلُ من عظامي أقراطاً بيضاء لأوّل غيمةٍ تمرّ,
ستُعاقبني هذه الأصابع,
هذا الصّوت
هذه الحلزونات المختبئة في ذاكرتي,
وتضرمُ بي السّهر والأسئلة
أخبرتكِ بأنّها أبداً ... لم تكن مجرّد لعبة!!