Abdouldaim Ukwas (عبدالدائم اكواص)
قريباً من الماء...بعيداً عن وجهي
قريباً من الماء...بعيداً عن وجهي
ألفُ وجه ينتظرني ؛
ينتظرني كي أمرّ
لكنّني في غابة البلّوط أمضي قاصداً لُغتي، يحاصرني اخضرارُ العشب والأفكار. لامطرٌ يدلُّ عليّ .
غريبٌ هنا ، لكنّني في غابة الغرباء أبدو مقنعاً .
لا أرتدي وطناً ؛ بل أنتمي لله والكلمات ،
أمّا الرمالُ ففي دمي...(زُلْطُنْ)*...
(زُلْطُنْ) ؛ وتعصفُ بي ريحٌ ، ويرتفعُ العجاجُ رفيقُ أغنيتي/بطاقتي الأولى/دليلُ عربدتي
*******************************
*******************************
لا أرتدي وطناً ؛ بل أقتدي بالرّيح والأصوات
- "إلى أين تمضي ياوَلَد ؟" يقولُ أبي .
- "إلى حيثُ ينفلقُ الغيابُ عن الجواب ،
إلى حيثُ لا عدوى بلا جدوى ! ".
*********************************
*********************************
وكأنّني في غابة البلّوط أسمعُ آخري يبكي عليّ ، لكنّني أمضي صعوداً-أو هبوطاً- دونما وجل .
هل كان ذلك آخري ، أم أنني أهذي ؟
. ربما أهذي ؛ ولكن الحنين الدائري يعصفُ بي ، ويعصرني كمنشفة ! ...
( مجموعة من البيوت أسفل هضبة رملية مزروعة بأشجار الزيتون والنخيل،ومليئة بزرائب الغنم والماعز/
طرقٌ رملية ضيقة / احمرار الشفق عند الغروب / صفاء السماء ليلاً مع نباح مئات من الكلاب/
صياح الديكة فجراً / الندى الذي يغطي الرمال في الصباح الباكر...)
- “Mind the gap please!” **
هل كنتُ أمقتها؟...نعم ؛
لكنّني مذ أن دخلتُ لغابة البلوط أشمُّ تربتها ، وأشمُّ رائحة العجائز والبخور...
*************************
*************************
(صور/روائح/أسماء) هو كلُّ ماتحتاجه الذكرى لتعبثَ بي ،
وتُقلقَ راحةَ الأموات .
*************************
*************************
لابد من وطن هنا . فهنا ممرٌّ لا يمرُّ على أحد
وهنا رمادٌ للأبد
وهنا نفق . نفقٌ يؤدّي إلى نفق .
وأنا غريبٌ هاهنا ، لكنّني أيضاً غريبٌ في الهناك !
*************************
*************************
مشهدٌ جانبي :
( في محطة القطارات تحت الأرض يجلس وحيداً ، يحدّق في مئات الوجوه التي تحيط به ،
يأتي قطارٌ، يقفُ للحظات ثم يذهب ، ثمّ يأتي قطارٌ آخر ، يقفُ قليلاً ويذهب ، يتبعه آخر..وآخر..
وآخر ، أناسٌ من مختلف الألوان والأجناس يأتون..ينتظرون قليلاً..يصعدون القطار ويذهبون ، هو أيضاً جاء
هنا لكي يذهب ، ربما عليه الانتظار قليلاً ؛ لكنّه حتماً سيذهب. هناك شيءٌ مشتركٌ بين الناس جميعاً :
الإنتظار بين رحيلين ! ).
*****************************
*****************************
ألفُ صوت يعلو ويخفتُ عميقاً / مسبحة من الأسماء تنفرطُ رويداً رويداً / مئات من الصور أصبحت باهتة /
غبارٌ يعلو الأمس / غبشٌ يحجبُ الغد / عنواين وأرقام هواتف كثيرة أصبحتْ تسقط من الذاكرة بالتقادم !
/ ألفُ رحيل ورحيل ...ولكنّ الوادع واحد ! .
*************************
*************************
ألف وجهٍ ينتظرني؛
ينتظرني كي أمرّ
لكنّ لي وجهاً سيبدو ناشزاً في مشهد الترحيب
ربما تركَ الغياب بقيةً لم يفترسها،
لكنني حتماً سأبدو مترعاً :
بالآخرين العابرين الراحلين ،
بالغائبين الحاضرين/ الحاضرين الغائبين ،
بحكايتي . سأقولُ : ما سيكونُ كان
أو ربما ما كان يمكن أن يكون
***************************
***************************
هي لعبتي أو لعنتي
وهي الصعود المستمر/ الانحدار المستمر
أوديستي أو كذبتي
حُلْمٌ تجسّد في ممرّ
***************************
***************************
ألفُ وجهٍ ينتظرني...
...................
قد مررت فلم يروني
قد يروني فلا أمرّ
___________________________
* زلطن قرية ريفية صغيرة ينحدر منها الشاعر وهي تقع غرب طرابلس في ليبيا
** جملة تتردد باستمرار في محطات مترو الأنفاق في لندن