Mohamad Al-Harthy (محمد الحارثي)
نصيحة المُتنبِّي في الهيلتون
نقفزُ اللحظة قبل الأخيرة في التاكسي
ثم ننسى مَهارَةَ الهُبوطِ بالمظلاتِ
في سَماءِ البَهْو
ذاهِلين عن حيواناتِنا الأليفةِ في صَحنِ الغرفة
حيث تتذكَّرُنا واحداً واحداً
(أنا وأنتِ)
كضفتي نهرٍ، هُنا أو هُناكَ..
كشطْرَي بيتٍ تناثرَتْ أحجارُهُ طويلاً
ثم نامَتْ على وسادةِ الدَّهرِ
حتى نامَ الدَّهرُ على وسادتها..
وصَحَا على نصيحَةِ المُتنبي
(لا تلْقَ دَهرَكَ إلاّ...)
ثم تفصِلنا الأبْدَانُ والأرواحُ، عَينُ الرَّقيبِ، لُعبَةُ الدَّهرِ
وجفافٌ قبلَ المَصَبِّ في الحَلقِ عندما يختنقُ الهاتفُ
بصَوتينا المَبحُوحَين؛ بل بالكلماتِ ذاتِها التي تسيلُ
في الفواتير الباهِظةِ كالسَّيلِ على مُنحَدرٍ
(تدفعينها أنتِ، فيما مَضى)
تدفعينها أنتِ، عندما كانت الأسلاكُ
تنسى وتُداعِبُنا أحياناً:
كُفّا قليلاً..
تعِبنا من أزيز الكهرباءِ الذي يَقرصُ الخاصِرةَ
من العازلِ الطبيِّ المُضمَّخ بالعطرِ
والمُنحَدَرِ الذي ما عادَ في مَكانِهِ
بعد أن هَبَّتْ ريحٌ أخرى، بعد أن ذبُلتْ
أزهارُ السَّيلِ..
واقتفى المُتنبِّي آثارَ قافِيَتِهِ، كُفّا، كُفّا قليلاً..
(ولم نكُفَّ حتى اليوم)
في خُرْجِهِ أثرُ القافيةِ..
في حقيبَتكِ بطاقةُ الباب المُمَغ