Fatima Naoot (فاطمة ناعوت)
صانعُ الفرح
صانعُ الفرح
هذا شارعُنا القديم
وإسكافيُّ شارعِنا
يدقُّ المساميرَ في أحذيةِ المارة
بيدٍ،
وبالأخرى
يعلِّمُنا الشطرنجَ
ونحن صغار.
صغارًا كنّا
أكبُرُ في هذا البيت
وفي شرفةِ غرفتي
تواطأتُ مع مربيتي
على الهرب
لألتقي بك خلسةً
عند باب الجامعة.
الجامعةُ التي احتضنتْ صبانا
مدرّجُ فلسطين
الأبنودي
منير
"شبابيك، الدنيا كلها شبابيك"
طيّرتْ أحلامنا التي كنّا نحيكُها
بعيدًا عن عيونِ أمي.
عيونُ أمي
اتّسعتْ دهشةً
حين شاهدتْ وجهيَ بالفحم
على لوحةِ رسمِك.
لوحةُ رسمِكَ
وشوشتْ لي:
يا بنتُ
فارسُكِ يجلسُ أمامي كلَّ مساءٍ
هنا على هذا الكرسي
في يده ريشةٌ
وباليتُ ألوان
واسمُه
ستعرفينه بعد تسعةِ أيام.
تسعةُ أيامٍ
وبنتٌ تجلسُ في مدرّج الجامعة
تفكّرُ
وتخُطُّ في كشكول العمارة
ملامحَ غامضةً
يا تُرى
كيف يكونُ الفارسُ؟
الفارسُ اسمُه
"صانعُ الفرح"
يعلّمُ البنتَ الهوى
ثم يمضي
يطوي سنةً
إثرَ سنةٍ
إثر عقدٍ
إثر عقدين.
وبعد عقدين
يعودُ
يفتِّشُ في نوافذِ الحيّ
عن أحلامِه القديمة
حاملاً بالوناتٍ
وقطَعَ حلوى
وحكاياتٍ كثيرةً
حول فتى
وفتاة.
فتاةٌ
تجلسُ وحيدةً
تضفُرُ جدائلَها
وتُحصي العابرين تحت شرفِتها
يطلبون يدَها،
ليس بينهم حبيبُها!
حبيبُها
وصل بعد رحلة السفر
يخطفها
ويركضُ بها إلى حيث:
شارعُها القديم
وبيتُها القديم
والإسكافيُّ "عم سعيد"
وسلالمُ الجامعةِ العتيقة
وبابُ الحانوتْ
ابتاعا منه هدايا عُرسٍ
لم يحدث أبدًا.
القاهرة / 24 أبريل 2011