Mohammed Bennis (محمد بنيــس)
طرفٌ آخر من الأزرق
طرفٌ آخر من الأزرق
1.
هُنا البعيـدُ كأنّـهُ يأتي إليّ
عبْر أمْواجٍ منَ الضّوءِ
صُخورٌ ينْشأ منهَا العُلوُّ
أزرقُ بين البحْرِ
والسّماءِ
يَسيلُ نحوَ ما لستُ أدْري
عندمَا البَارحةَ كنتُ أنزلُ الدّرجَ
سمعتُ ماءَ اليَنابـيعِ
يَصعدُ إلى عُروقي
لمْ تتأخّر الحَياةُ
عنْ أنْ تكونَ عَزيزةً
عَلى نفْسي
2.
في الأفُقِ
جَمرةٌ تضُمّ الغمامَ إلَى اللهيبِ
أحسّني أمْشي
على المَاءِ في أثر دانتي ينشدُ
"راغباً في الكَلام لكنْ لا أعرفُ ما أقولُ"
يَشفّ الماءُ عن حَجرٍ منْ مَعادنَ انطفأتْ
والبَحرُ أزرقُ
بثنـياتهِ
قريبٌ من أحَـدٍ
هذا النبيذُ وأنَا
نتبادلُ الصّمتْ
3.
لا يَسْتقبلُ البَحرُ سوَى
مَشّائينَ أشدّاءَ
بحكْمةٍ
يَعْبرونَ مسَالكَ منها آخرُونَ عبَرُوا
انْحدارٌ تتعلّمهُ القدَمانِ
كمَا لوْ كانتا تتعلّمَانِ أداءَ صَلاةٍ
في مَعْبدٍ
سَيسْتريحُ فيه ذاتَ يوْمٍ إلـهْ
بينَ البحرِ والسّماءِ
قليلٌ همُ المشّاؤونَ هُنا
يَنظُرُ إليْهمْ
أزرقُ الماءِ أصدقاءُ الأمْسِ
أوْفياءُ يظْهرونَ من أعْلى القرْيةِ
علَى
الوجُوه نعْمةُ مَا لا يُنسَى
4.
برَماديّ أجْنحَتها النّوارسُ
تُبقّعُ الفضَاءَ
رُبّما
تركْتُ جسَدي يَسقطُ في دَورانهَا
أجْنحةٌ سَريعةُ اللّمعانِ
تذوبُ
مَنْ رآني
عَاجزاً عن فهْمِ سرّ انْحجَابِ المَاءِ
أنصتُ إلى فَراغٍ يَطوف حوْلي
كذلكَ أشاهدُ
النّوارسَ في شمْسِ ظهيرة
هُنا تبْتكرُ ذهبَكِ أيّتها السماءُ – البحرْ
5.
خُذ الشّمسَ والقمرَ مُجْتمعيْنِ
ألْقِ بهمَا
في هَذا المَاءِ
لنْ ترى
غيرَ أمْواتٍ هُنا
مُبتهجينَ بنَشيدهمُ الذي
لكُلّ واحدٍ
قٌبالتَهمْ سَهرْتَ
في نفَسكَ شيْءٌ مَا يتمزّقُ ويتكلّمُ
دائماً هناكْ
6.
جَلبةٌ في المَاءِ
وافدونَ على طَرفٍ
آخرَ منَ الأزرقِ الذي يشْملُ البحْرَ
(هلْ تذكّرتْ أحْجارُ
الميناءِ
وُجوهَـهُمْ)
تركُوا المَراكبَ في مَكانهَا القديمِ
وبالْكلماتِ التي لمْ
أتعَوّدْ عليْهَا
رأيْتُ البحْرَ يكْبُرُ
أيّامٌ مُتتاليةٌ فيهَا
الوَافدونَ كانُوا يبدأونَ
أحاديثَ عنْ طرفٍ آخرَ منَ الأزرقِ
معَهمْ
يَتضامنُ الضوْءْ
7.
ليكُنْ ذلكَ ما سَمعْتُ
عندَ الْتماعٍ
في مَرْكز الليْلِ
انْهَضْ إلى مُقامكَ
كُنْ
أنتَ لا أنتْ
ماءٌ بلوْنِ الفضّةِ
بينَ الأبعَديْنِ يَمتدُّ
بيَديّ أحملُ الماءَ أمْلسَ
رافعاً
وجْهي
نحوَ
مَا
لا هُوَ
البحْرُ
لا هيَ السّماءْ
8.
مِنْ جديدٍ
تخْتفي الشمْسُ بينَ ماءٍ ومَراكبَ
قربَ النّافذة ظلٌّ
بمُفْرده يَسْتنشقُ هواءَ الصّبَاحِ
مَنْ غرسَ تلكَ النّخْلةَ
سألتُ يَدي التي معَ الكلماتِ تجْلسُ
إلَى هُنا
كتابُ ابنِ عَربيٍّ وصلَ
قبْلي